شعاع/ خاص
بقلم : براء سمير إبراهيم
هجوم مباغت في ديالى شرق العراق ومعارك عنيفة في الحسكة شمال شرق سورية، استطاع تنظيم داعش من خلالهما إثبات وجوده مجدداً على الساحتين العراقية والسورية، وأنه "عائد" من جديد رغم إعلان النصر عليه في العراق عام 2017 وسورية عام 2019، ليدق العالم إثر ذلك ناقوس الخطر مرة أخرى معلناً استمرار تهديد الإرهاب المتطرف للأمن والاستقرار العالميين.
فما دلالات عودة التنظيم الآن من حيث الوقت والكيفية؟
هذا ما سنحاول الإجابة عليه في المقال الآتي، عبر تناول كل من تطورات العراق وسورية على حدة.
هجوم العراق...كتبته واشنطن قبل أن تنفذه:
في تموز من العام الماضي، قال قائد مركز التنسيق المشترك في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الكولونيل "ديف وليامز" في تصريح لافت ومقصود :إن "داعش يعمل على تنظيم صفوفه في ديالى، والمليشيات الخارجة على القانون تضايق السكان السُنة وتدفعهم للانخراط في صفوف التنظيم".
لذا، فقد اعتبر محللون تلك التصريحات بأنها مؤامرة جديدة تحيكها الولايات المتحدة و "إسرائيل" ضد إيران والحشد الشعبي، بعد الهجوم الأخير لداعش في العراق، وذلك بناءاً على المعطيات السابقة ونظراً لتوقيت الهجوم الحساس وطبيعته وتزامنه مع مايلي :
وهذا ما أرادت واشنطن من خلاله إظهار إيران على أنها "دولة تدعم الإرهاب و تريد بالعراق سوءاً"، في محاولة منها لقلب المعادلة وتشويه الحقائق وتزييف الوقائع التي باتت معروفة للجميع.
وبما أن أصابع الاتهام وجهها البعض نحو قوات الحشد الشعبي في المسؤولية عن الهجوم على المقرات الحزبية، فإن واشنطن وحلفائها في الداخل العراقي والخارج أيضاً، يحاولون الترويج "زوراً" إلى أن فصائل المقاومة العراقية نسقت مع داعش لتنفيذ الهجوم الأخير على ديالى كنوع من "العقاب" لهذه الأحزاب بعد تحالفها مع التيار الصدري الفائز بالانتخابات التي اعتبرها تحالف الفتح "مزورة"، وبالتالي محاولة خلق صراع مذهبي "سني- شيعي" في العراق، وهذا هو الهدف نفسه الذي توخته الولايات المتحدة من إنتاجها لتنظيم داعش الإرهابي.
كذلك علينا ألاّ ننسى أن محافظة ديالى محطة عبور رئيسية في طريق الحرير الصيني عند دخوله العراق، لذا فإن زعزعة الاستقرار فيها يعتبر هدفاً أساسياً للولايات المتحدة حتى لا يبصر المشروع الصيني النور.
إقرأ أيضاً :
في الحسكة...طواقم إعلامية تعرضت لهجوم من قبل "داعش"
بعد يوم من إعلانها السيطرة على سجن الصناعة .."قسد" تكشف عن 90 داعشي متحصن بمهاجعه
"قسد":تسهيلات قدمتها دولة مجاورة لتنظيم "داعش" وهذا عدد قتلانا"
سورية...الخطة البديلة بمتصرف داعش:
المعارك العنيفة والمستمرة في الحسكة منذ أيام وحتى هذه اللحظة مابين عناصر "داعش" و "قوات سورية الديمقراطية" مدعومة من قوات التحالف الأمريكي، هي الأخرى لم تكن عبثية أو من دون أهداف وأسباب.
وفيما يلي سنذكر عن طريق التحليل لا التقرير، بعضاً من الأهداف التي تريد أمريكا تحقيقها عبر إعادة إنتاج داعش في سورية:
إنّ العلاقة بين سورية وإيران "تاريخية ووفية"، وإنّ "إيران وقفت مع سورية والجيش السوري في الحرب، وسورية لا تقابل الوفاء بالغدر".
والرئاسة السورية بتأكيدها على ثباتها على هذا الموقف من إيران ومحور المقاومة، تكون قد قضت على كافة الطموحات الصهيو- أمريكية بأن تتحول سورية عن هذا المبدأ، خاصةً بعد التقارب العربي الخليجي مع دمشق، الذي حدث في الفترة الأخيرة ورأى فيه خبراء ومحللون سعي أمريكي لتحويل سورية عن مواقفها وسياساتها.
ولذلك وعبر إعادة إنتاج داعش في هذا الوقت تحديداً، ربما يأتي في إطار الضغط على دمشق، لأن عودة داعش تعني بشكل أو بآخر، عودة المعارك العسكرية والأوضاع الأمنية غير المستقرة وبالتالي إغلاق الحدود مع العراق والأردن مرة أخرى، واستهداف المنشآت الاقتصادية والخدمية في البلاد وإحداث موجات نزوح وكوارث إنسانية جديدة، وبالطبع هذا ما لا تريده سورية أن يحدث.
والدليل على أن ظهور داعش الآن هو محاولة للضغط على الحكومة السورية، ما قاله وزير الخارجية المصري بالتزامن مع المعارك العسكرية ضد التنظيم، بأن هناك جهود عربية لإعادة سورية إلى الجامعة العربية شرط اتخاذ سورية "الإجراءات اللازمة" لذلك.
أهداف مشتركة:
والآن لا بد من الإشارة إلى أن عودة داعش إلى العراق وسورية لها أهداف أمريكية مشتركة وهي :
إذاً وبناءً على كل ما سبق يمكننا القول أن عودة تنظيم داعش ربما ستكون أكثر قوةً وعنفاً في القادم من الأيام، ضماناً لاستمراره في تحقيق مآرب ومصالح واشنطن في المنطقة للهيمنة عليها وتنفيذ مخططاتها العدوانية فيها.
المادة محمية وفق قانون النشر @2020 وأي نسخ أو لصق دون ذكر المصدر سيعرضك للملاحقة القانونية